responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 9
[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 49 الى 50]
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (50)
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى.
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْوَعِيدِ. وَالْمَعْنَى: وَعَلِمُوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ. وَقَدْ كَانُوا إِذَا أَصَابَتْهُمْ نَعْمَاءُ كَذَّبُوا بِقِيَامِ السَّاعَةِ فَجُمْلَةُ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ إِلَى قَوْلِهِ:
قَنُوطٌ تَمْهِيدٌ لِجُمْلَةِ وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا إِلَخْ ...
وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ [فصلت: 47] إِلَخْ يَقْتَضِي مُنَاسَبَةً فِي النَظْمِ دَاعِيَةً إِلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ فَتِلْكَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ الْمُخْبَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَسْأَمُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ هُوَ مِنْ صِنْفِ النَّاسِ الَّذِينَ جَرَى ذِكْرُ قَصَصِهِمْ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَرِيقًا مِنْ نَوْعِ الْإِنْسَانِ، فَيَكُونَ تَعْرِيفُ الْإِنْسانُ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ الْعَامِّ لَكِنَّ عُمُومَهُ عُرْفِيٌّ بِالْقَرِينَةِ وَهُوَ الْمُمَثَّلُ لَهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي بِقَوْلِكَ: جَمَعَ الْأَمِيرُ الصَّاغَةَ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِنْسَانًا مُعَيَّنًا مِنْ هَذَا الصِّنْفِ فَيَكُونَ التَّعْرِيفُ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ. كَمَا أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ يَقُولُ: مَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً، صَرِيحٌ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ عَامًّا عُمُومًا عُرْفِيًّا. فَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ: الْمُشْرِكُونَ كُلُّهُمْ، وَقِيلَ أُرِيدَ بِهِ مُشْرِكٌ مُعَيَّنٌ، قِيلَ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَقِيلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْإِخْبَارُ عَنِ إِنْسَانٍ كَافِرٍ.
وَمَحْمَلُ الْكَلَامِ الْبَلِيغِ يُرْشِدُ إِلَى أَنَّ إِنَاطَةَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِصِنْفٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ بِمُشْرِكٍ مُعَيَّنٍ بعنوان إِنْسَان يومىء بِأَنَّ لِلْجِبِلَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ أَثَرًا قَوِيًّا فِي الْخُلُقِ الَّذِي مِنْهُ هَذِهِ الْعَقِيدَةُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ بِوَازِعِ الْإِيمَانِ. فَأَصْلُ هَذَا الْخُلُقِ أَمْرٌ مُرْتَكِزٌ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ التَّوَجُّهُ إِلَى طَلَبِ الْمُلَائِمِ وَالنَّافِعِ وَنِسْيَانُ مَا عَسَى أَنْ يَحِلَّ بِهِ مِنَ الْمُؤْلِمِ وَالضَّارِّ، فَبِذَلِكَ يَأْنَسُ بِالْخَيْرِ إِذَا حَصَلَ لَهُ فَيَزْدَادُ مِنَ السَّعْيِ لِتَحْصِيلِهِ وَيَحْسَبُهُ كَالْمُلَازِمِ الذَّاتِيِّ فَلَا يَتَدَبَّرُ فِي مُعْطِيهِ حَتَّى يَشْكُرَهُ وَيَسْأَلَهُ الْمَزِيدَ تَخَضُّعًا،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست